مزايا وعطايا شهر رمضان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مزايا وعطايا شهر رمضان


الحمد لله على منه وعطاءه وجلائل نعمه ودقائقها القائل: ((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)) والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا وسيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم الهاشمي القرشي العربي الذي أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار والتابعين لهم على قدم سنة المختار
أما بعد...
فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها).
ولقد أودع الله في كل سنة وكل شهر وكل ليلة وكل يوم وكل ساعة وكل دقيقة وكل لحظة مزايا وعطايا من فضله علمها من علم وجهلها من جهل, ولكنه فضل بعضها على بعض بما أودع فيها من سر النصر والمغفرة والرحمة لعباده المؤمنين حتى نسب مثل هذه الأيام إلى ذاته وأمر بتذكرها في قوله تعالى: ((وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)).
ولكنه جعل أفضلها وأكملها وأعلاها بالنسبة للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم شهر رمضان, فهو شهر جمع الله فيه من المزايا والعطايا مالم يجمع في غيره وإليك أخي المؤمن تلخيص لها:
1. إن الله تعالى ينظر في أول ليلة إلى عباده ولا يعذب من شملته بعدها فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبداً) رواه البيهقي.
2. إن الله تعالى يغفر للمؤمنين في آخر ليلة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (.. ويغفر لهم في آخر ليلة, قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال لا, ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله) رواه أحمد والبزار والبيهقي.
3. إن صيامه وقيامه إيماناً بالله واحتساباً لله يهدم كبائر الذنوب وصغائرها، فعن عبدالرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الله عز وجل فرض صيام رمضان, وسن قيامه فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.
4. أنه شهر نزول القرآن بل ومعظم كتب الله أنزلت فيه قال تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)) رواه سورة البقرة 185.
وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلية من شهر رمضان المبارك وأنزلت التورات لستٍ مضين من رمضان, وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان, وأنزلت الزبور لثماني عشرة خلت من رمضان, وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان) رواه الإمام أحمد في مسنده.
5. إنه شهر ليلة القدر, التي هي خير من ألف شهر.
كما قال تعالى: ((لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قام ليلة القدر, إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه) متفق عليه, وفي رواية: (ماتقدم من ذنبه وما تأخر) رواه النسائي والإمام أحمد.
6. أنه شهر مضاعفة الأعمال الصالحة أكثر من أي وقت فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من تقرب فيه –شهر رمضان- بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه, ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه) رواه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في شعب الإيمان.
7. أنه شهر الدعاء المستجاب فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن للصائم عند فطره دعوة ماترد) رواه البهقي.
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإلحاح على الله تعالى فيه بالدعاء طلباً للجنة واستعاذة من النار فعن سلمان رضي الله عنه: (واستكثروا فيه من أربع خصال خصلتين ترضون بها ربكم وخصلتان لا غنا بكم عنهما, فأما الخصلتان اللتان ترضون بها ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله, وتستغفرونه, وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألونه الجنة وتستعيذونه من النار). رواه ابن خزيمة في صحيحة والبيهقي في شعب الإيمان.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن لكل مسلم في كل يوم وليلة –يعني رمضان- دعوة مستجابة) رواه البزار.
8. أنه شهر فتح أبواب الجنة, وأبواب السماء, وشهر إغلاق أبواب النار، وشهر سلسلة الشياطين، وشهر إقبال الخير، وإدبار الشر، وشهر العتق من النار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وفتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وينادي منادٍ يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر, ولله عتقاء وذلك كل ليلة) رواه الترمذي وابن ماجه.
9. أنه شهر الصبر وشهر المواساة والتعاون والمودة والإخاء والعفو والرحمة فعن سلمان الفارسي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (وهو –أي شهر رمضان- شهر الصبر, والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يزاد رزق المؤمن فيه, من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار, وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا يا رسول الله ليس كلنا يجد مايفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء, وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه غفر الله له واعتقه من النار) رواه ابو خزيمة في صحيحه والبيهقي في شعب الإيمان.
10. انه شهر العمرة التي تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة) وقال: (حجة معي) متفق عليه.
11. أنه شهر تهذيب الأخلاق وتحسين الصفات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايفسق ولا يجهل ولا يصخب فإن سابه أحد فليقل إني صائم) رواه البخاري.
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
نختم بهذا الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أعطيت أمتى خمس خصال في رمضان لم تعطهن أمه قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك, وتستغفر لهم الملائكة وفي رواية الحيتان حتى يفطروا, ويزين الله كل يوم جنته ثم يقول يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك, وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره, ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال لا, ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله) رواه أحمد والبزار والبيهقي.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل هذه المزايا آمين اللهم آمين.